يعتبر الإغريق هم أول من درس الأعداد الأولية و خصائصها ، حيث كان رياضيو مدرسة فيثاغورس ( 500 ق.م إلى 300 ق.م ) مهتمين بالأعداد و خصائصها السحرية و المنطق العددي ، فقد فهموا فكرة الأولية ، و كانت الأعداد التامة Pefect كما هو مبين أدناه باللون الأحمر :
(ما هو العدد التام ؟
تعريف : يسمى العدد الصحيح الموجب n عددا تاما إذا كان هذا العدد مساويا لمجموع كامل عوامله الموجبة بدون العدد نفسه .
مثال : 6 هو أول عدد تام حيث أن : 6 = 1 + 2 + 3)
و الأعداد المتحابة (Amicable) موضع اهتمامهم كما هو مبين أدناه :
(الأعداد المتحابة (Amicable) :
تطلق هذه الصفة على كل زوج من الأعداد الصحيحة يكون مجموع العوامل الفعلية المختلفة لأحدهما مساو للعدد الآخر ، مثلا ، العددان 220 و284 لأن
عوامل 284 هي 1 ، 2 ، 4 ، 71 ، 142 ، و هذه تجمع إلى 220 ، كما أن عوامل العدد 220 هي
1 ، 2 ، 4 ، 5 ، 10 ، 11 ، 20 ، 22 ، 44 ، 55 ، 110 و هذه مجموعها 284 )
لقد أثبت العلماء الإغريق القدامى في حوالي 300 ق.م أن هناك عدد لا نهائي من الأعداد الأولية ، فقد أثبت إقليدس ذلك كما في الكتاب الرابع من العناصر و يعد اثباته هذا من الإثباتات الأولى التي استخدمت البرهنة بالتناقض لإثبات نتيجة ما ، كما أثبت العلماء الإغريق أيضا أن الأعداد الأولية تتوزع بطريقة غير منتظمة ( فمن الممكن أن تجد فراغات مطلقة كبيرة بين أي عددين أوليين متتاليين و من الممكن لا )
و قدم إقليدس أيضا برهان على النظرية الأساسية في الحساب التي تقول : أي عدد صحيح يمكن كتابته كحاصل ضرب أعداد أولية ، أثبت إقليدس أيضا أنه إذا كان العدد أولي فإن العدد يكون تاما ، و قد استطاع الرياضي أويلر(Euler- 1747 ) أن يثبت أن جميع الأعداد التامة الزوجية هي من هذه الصورة أي ، و لا يعرف لحد الآن هل يوجد عدد تام فردي ، و في حوالي (200ق.م) اكتشف الإغريقي إيراتوستين خوارزمية لحساب الأعداد الأولية تسمى غربال إيراتوستين .
بعد ذلك كان هناك فراغ كبير في تاريخ الأعداد الأولية فيما يسمى بالعصور المظلمة ، و لكن التطور الهام التالي تم بواسطة فيرمات مع بداية القرن السابع عشر حيث أثبت ظنية ألبرت جيرالد التي تقول : أن كل عدد أولي من الصورة يمكن كتابته بطريقة واحدة كحاصل جمع مربعين ، و كان بالإمكان اثبات إمكانية كتابة أي عدد كحاصل جمع أربع مربعات ، كما اكتشف طريقة جديدة لتحليل الأعداد الكبيرة و التي أثبتها بتحليل العدد 2027651281=44041×46161 .
كذلك أثبت ما يعرف بمبرهنة فيرمات الصغيرة التي تقول أنه إذا كان p عدد أولي فإنه لأي عدد صحيح a يكون :
p modulo ap= a أو ap-1º 1 (mod p) شرح modulo كما هو مبين
modulo) :
وظيفة رياضية تعطي باقي القسمة ، فمثلا : 8 mod 6 = 2 و تستخدم في الرياضيات الحديثة في دراسة قابلية القسمة فنكتب مثلا : 24 = 3 (mod 7) ، و ذلك يعني أن في حالة اعتبار المعيار هو 7 فإن 24 فيها ثلاث سبعات و الباقي 3 ، و هناك تفصيلات موسعة لهذه الوظيفة في الرياضيات المجردة .)
.
و قد أثبتت هذه النظرية نصف ما يعرف بالفرضية الصينية التي وضعت قبل 2000 سنة و التي تقول أن أي عدد صحيح n يكون أوليا إذا و فقط إذا كان العدد يقبل القسمة على n . النصف الآخر من هذه الفرضية خاطئ حتى الآن فعلى سبيل المثال العدد : يقبل القسمة على 341 رغم أن العدد 341 مركب ( 341=31×11) .
و تعتبر مبرهنة فيرمات الصغيرة هذه هي الأساس لكثير من النتائج في نظرية الأعداد ، و كذلك هي الأساس لعدة طرق لمعرفة الأعداد الأولية و التي ما زالت تستخدم حتى الآن في الحواسيب الإلكترونية .
و قد وافق فيرمات في ما توصل إليه مع رياضيي عصره ، و بالخصوص مع مونك مارين ميرسين (Mersenne) ففي أحد رسائله إلى ميرسين تحدث فيرمات عن حدسه في أن العدد يكون أوليا دائما عندما يكون n من قوى العدد 2 ، مثل ( 1 ، 2 ، 4، 8 ، 16 ، ..... ) و قد تحقق من ذلك بالنسبة للأعداد (n = 1 , 2 , 4 , 8 , 16 ) ، و أوضح بأنه إذا كانت n ليس من قوى 2 فالنتيجة خاطئة .
و الأعداد من هذه الصورة سميت بأعداد فيرمات ، و قد كان فيرمات مخطئا في حدسه هذا و لم يتم إثبات ذلك إلا بعد أكثر من 100 سنة و ذلك عندما أثبت أويلر أن العدد :
= 4294967297 يقبل القسمة على 641 و بالتالي فهو ليس أوليا .
أما بالنسبة للأعداد من الصورة فقد استدعت انتباه الرياضيين لسهولة إثبات أنه إذا لم يكنnعددا أوليا ، فيجب أن يكون العدد مركبا ، و قد سميت هذه الأعداد بأعداد ميرسين لأنه اهتم بها كثيرا و قام بدراستها ، و في الحقيقة أن الأعداد من الصورة عندما يكون n أوليا ليست دائما تكون أعدادا أولية ، فعلى سبيل المثال العدد
( = 2047 = 23 × 89 عددا مركبا ) .
و سأخصص الفصل القادم لأعداد ميرسين الأولية ، حيث أنها ظلت هذه الصورة لعدة قرون تقدم - و إلى الآن - أكبر الأعداد الأولية المعروفة ، فقد تم إثبات أن العدد M19 أولي بواسطة كاتالدي (Cataldi) في 1588 ، و ظل هذا العدد هو أكبر عدد أولي لمدة 200 سنة حتى أثبت أويلر أن العدد M31 هو أولي ، و قد ظل هذا العدد الأولي الأخير هو الأكبر لقرن آخر حتى أثبت ليوكاس (Lucas) أن العدد M127 ( المكون من 39 رقما ) أوليا و هذا العدد ظل هو الأكبر حتى ظهور الحواسيب الإلكترونية ، حيث أثبت روبنسون (Robinson) في 1952 و باستخدام الحواسيب الأولى أن الأعداد M521 ، M607 ، M1279، M2203 ، M2281 أولية ، و كان حتى 1998 قد تم اكتشاف 37 عددا أوليا من أعداد ميرسين ، و كان أكبرها هو العدد M3021377 و الذي يتكون من 909521 رقما ، و سيأتي ذكره لاحقا .
كان لأعمال أويلر وقع و أثر كبير في نظرية الأعداد بشكل عام و في الأعداد الأولية بشكل خاص ، حيث تمم مبرهنة فيرمات الصغيرة و وسعها ليقدم دالة فاي لأويلر ، و كما أشرنا في الأعلى استطاع تحليل عدد فيرمات الخامس كما وجد في تحليله ذلك 60 زوجا من الأعداد المتحابة ، و وضع ما جاء بعد ذلك ( و لم يستطع اثباته ) و هو ما عرف بقانون التعاكس التربيعي .
و كان أويلر أول من أدرك إمكانية دراسة نظرية الأعداد باستخدام أدوات التحليل و الذي أدى إلى اكتشاف مادة التحليل العددي ، و قد استطاع أويلر إثبات أنه ليست المتسلسلة التوافقية ( Harmonic Series) فقط متباعدة ( divergent ) بل أن المتسلسلة :
1/2+1/3+1/5+1/7+1/11+... المكونة من مجموع مقلوب الأعداد الأولية أيضا متباعدة ( divergent ) ، و مجموع الحدود n في المتسلسلة التوافقية يبلغ تقريبا log(n) ، بينما المتسلسلة السابقة تتباعد بشكل بطيء إلى log(log(n)) ، و هذا يعني أن مجموع مقلوبات ( reciprocals ) كل الأعداد الأولية التي تم اكتشافها حتى بالحواسيب الفائقة يساوي تقريبا 4 فقط ، لكن مع ذلك المتسلسلة تبقى تتباعد إلى ∞ .
أما بالنسبة لانتشار الأعداد الأولية و كثافتها فمن النظرة الأولى يبدو أن الأعداد الأولية تنتشر بطريقة عشوائية بعض الشيء بين الأعداد الصحيحة ، فعلى سبيل المثال في 100 عدد السابقة لـ 10000000 يوجد 9 أعداد أولية ، بينما في 100 عدد التالية يوجد عددان أوليان فقط .
مهما يكن في الأعداد الأولية الكبيرة فإن الطريقة التي تنتشر فيها الأعداد الأولية هي منتظمة جدا ، فقد قام ليجاندر ( Legendre) و جاوس (Gauss ) بإجراء حسابات موسعة في كثافة الأعداد الأولية .
لقد أخبر جاوس صديقه أنه لو حصل على 15 دقيقة و هو غير مشغول فسوف يقضيها في حساب الأعداد الأولية الأطفالية ( أول 1000 عدد أولي ) ، و يذكر جاوس أنه حتى نهاية حياته قد حسب ثلاثة ملايين عدد أولي .
كلا من ليجاندر و جاوس وصلا إلى استنتاج و هو أنه لأي عدد n كبير ، فإن كثافة الأعداد الأولية القريبة من هذه العدد تساوي تقريبا 1/log(n) ، و أعطى ليجاندر تقديرا لـ p(n) ( عدد الأعداد الأولية الأقل من n ) حيث وجد : p(n)=n/(log(n)-1.08366 ، في حين أن جاوس قدم تقديرا على صورة تكامل لوغاريتمي هو :
p(n)=∫(1/log(t))dt حيث أن مدى التكامل من 2 إلى n .
و تسمى العبارة بأن كثافة الأعداد الأولية هي 1/log(n) بمبرهنة الأعداد الأولية ، و قد كانت هناك عدة محاولات لإثباتها تواصلت خلال القرن التاسع عشر بتقدم ملحوظ بواسطة تشبيتشيف (Chebyshev ) ، و ريمان (Riemann) و هذا الأخير ربط النظرية بما سماه فرضية ريمان ، و سأحاول أن أغض الطرف عن هذه الفرضيات و البراهين عليها لأنها بحوث متقدمة و متخصصة إلى حد ما ، و ما زال هناك العديد من الأسئلة المفتوحة تتعلق بالأعداد الأولية ، و بعضها ما زال من مئات السنين كمسألة العدد التام الفردي .
أما بالنسبة لكيفية معرفة و إكتشاف الأعداد الأولية فتوجد طرق كثيرة أقدمها و أسهلها هو ما يعرف بغربال إراتوستين ( Sieve of Eratosthenes ) و طريقة القسمة العادية (trial division ) ، حيث ما زالتا هاتان الطريقتان هما الأسهل لإيجاد الأعداد الأولية الصغيرة جدا ( الأقل من 1000000 ) .
أما بالنسبة لإيجاد الأعداد الأولية الكبيرة فهناك طرق خاصة تستخدم ، و هذه الطرق هي حالات خاصة من نظرية لاجرانج من نظرية المجموعات .
و نشير هنا إلى مفهوم وضع في 1984 بواسطة صمويل ييت و هو : Titanic Primes ، أي الأعداد الأولية الهائلة ، و عرفها بأنها الأعداد المكونة من 1000 رقم على الأقل ، و كان عدد هذه الأرقام يومها 110 أرقام ، أما الآن ( أي بعد 17 سنة فقط ) فإن عددها يفوق ذلك العدد بأكثر من 1000 مرة ! و مع استمرار تقدم الحواسيب الإلكترونية التي تعطي فرص أكبر للبحث عن أعداد أولية أكبر فإن هذا العدد يتزايد باستمرار ، و نتوقع بعد مدة قصيرة رؤية أول عدد أولي ذو 10 ملايين رقم .
(ما هو العدد التام ؟
تعريف : يسمى العدد الصحيح الموجب n عددا تاما إذا كان هذا العدد مساويا لمجموع كامل عوامله الموجبة بدون العدد نفسه .
مثال : 6 هو أول عدد تام حيث أن : 6 = 1 + 2 + 3)
و الأعداد المتحابة (Amicable) موضع اهتمامهم كما هو مبين أدناه :
(الأعداد المتحابة (Amicable) :
تطلق هذه الصفة على كل زوج من الأعداد الصحيحة يكون مجموع العوامل الفعلية المختلفة لأحدهما مساو للعدد الآخر ، مثلا ، العددان 220 و284 لأن
عوامل 284 هي 1 ، 2 ، 4 ، 71 ، 142 ، و هذه تجمع إلى 220 ، كما أن عوامل العدد 220 هي
1 ، 2 ، 4 ، 5 ، 10 ، 11 ، 20 ، 22 ، 44 ، 55 ، 110 و هذه مجموعها 284 )
لقد أثبت العلماء الإغريق القدامى في حوالي 300 ق.م أن هناك عدد لا نهائي من الأعداد الأولية ، فقد أثبت إقليدس ذلك كما في الكتاب الرابع من العناصر و يعد اثباته هذا من الإثباتات الأولى التي استخدمت البرهنة بالتناقض لإثبات نتيجة ما ، كما أثبت العلماء الإغريق أيضا أن الأعداد الأولية تتوزع بطريقة غير منتظمة ( فمن الممكن أن تجد فراغات مطلقة كبيرة بين أي عددين أوليين متتاليين و من الممكن لا )
و قدم إقليدس أيضا برهان على النظرية الأساسية في الحساب التي تقول : أي عدد صحيح يمكن كتابته كحاصل ضرب أعداد أولية ، أثبت إقليدس أيضا أنه إذا كان العدد أولي فإن العدد يكون تاما ، و قد استطاع الرياضي أويلر(Euler- 1747 ) أن يثبت أن جميع الأعداد التامة الزوجية هي من هذه الصورة أي ، و لا يعرف لحد الآن هل يوجد عدد تام فردي ، و في حوالي (200ق.م) اكتشف الإغريقي إيراتوستين خوارزمية لحساب الأعداد الأولية تسمى غربال إيراتوستين .
بعد ذلك كان هناك فراغ كبير في تاريخ الأعداد الأولية فيما يسمى بالعصور المظلمة ، و لكن التطور الهام التالي تم بواسطة فيرمات مع بداية القرن السابع عشر حيث أثبت ظنية ألبرت جيرالد التي تقول : أن كل عدد أولي من الصورة يمكن كتابته بطريقة واحدة كحاصل جمع مربعين ، و كان بالإمكان اثبات إمكانية كتابة أي عدد كحاصل جمع أربع مربعات ، كما اكتشف طريقة جديدة لتحليل الأعداد الكبيرة و التي أثبتها بتحليل العدد 2027651281=44041×46161 .
كذلك أثبت ما يعرف بمبرهنة فيرمات الصغيرة التي تقول أنه إذا كان p عدد أولي فإنه لأي عدد صحيح a يكون :
p modulo ap= a أو ap-1º 1 (mod p) شرح modulo كما هو مبين
modulo) :
وظيفة رياضية تعطي باقي القسمة ، فمثلا : 8 mod 6 = 2 و تستخدم في الرياضيات الحديثة في دراسة قابلية القسمة فنكتب مثلا : 24 = 3 (mod 7) ، و ذلك يعني أن في حالة اعتبار المعيار هو 7 فإن 24 فيها ثلاث سبعات و الباقي 3 ، و هناك تفصيلات موسعة لهذه الوظيفة في الرياضيات المجردة .)
.
و قد أثبتت هذه النظرية نصف ما يعرف بالفرضية الصينية التي وضعت قبل 2000 سنة و التي تقول أن أي عدد صحيح n يكون أوليا إذا و فقط إذا كان العدد يقبل القسمة على n . النصف الآخر من هذه الفرضية خاطئ حتى الآن فعلى سبيل المثال العدد : يقبل القسمة على 341 رغم أن العدد 341 مركب ( 341=31×11) .
و تعتبر مبرهنة فيرمات الصغيرة هذه هي الأساس لكثير من النتائج في نظرية الأعداد ، و كذلك هي الأساس لعدة طرق لمعرفة الأعداد الأولية و التي ما زالت تستخدم حتى الآن في الحواسيب الإلكترونية .
و قد وافق فيرمات في ما توصل إليه مع رياضيي عصره ، و بالخصوص مع مونك مارين ميرسين (Mersenne) ففي أحد رسائله إلى ميرسين تحدث فيرمات عن حدسه في أن العدد يكون أوليا دائما عندما يكون n من قوى العدد 2 ، مثل ( 1 ، 2 ، 4، 8 ، 16 ، ..... ) و قد تحقق من ذلك بالنسبة للأعداد (n = 1 , 2 , 4 , 8 , 16 ) ، و أوضح بأنه إذا كانت n ليس من قوى 2 فالنتيجة خاطئة .
و الأعداد من هذه الصورة سميت بأعداد فيرمات ، و قد كان فيرمات مخطئا في حدسه هذا و لم يتم إثبات ذلك إلا بعد أكثر من 100 سنة و ذلك عندما أثبت أويلر أن العدد :
= 4294967297 يقبل القسمة على 641 و بالتالي فهو ليس أوليا .
أما بالنسبة للأعداد من الصورة فقد استدعت انتباه الرياضيين لسهولة إثبات أنه إذا لم يكنnعددا أوليا ، فيجب أن يكون العدد مركبا ، و قد سميت هذه الأعداد بأعداد ميرسين لأنه اهتم بها كثيرا و قام بدراستها ، و في الحقيقة أن الأعداد من الصورة عندما يكون n أوليا ليست دائما تكون أعدادا أولية ، فعلى سبيل المثال العدد
( = 2047 = 23 × 89 عددا مركبا ) .
و سأخصص الفصل القادم لأعداد ميرسين الأولية ، حيث أنها ظلت هذه الصورة لعدة قرون تقدم - و إلى الآن - أكبر الأعداد الأولية المعروفة ، فقد تم إثبات أن العدد M19 أولي بواسطة كاتالدي (Cataldi) في 1588 ، و ظل هذا العدد هو أكبر عدد أولي لمدة 200 سنة حتى أثبت أويلر أن العدد M31 هو أولي ، و قد ظل هذا العدد الأولي الأخير هو الأكبر لقرن آخر حتى أثبت ليوكاس (Lucas) أن العدد M127 ( المكون من 39 رقما ) أوليا و هذا العدد ظل هو الأكبر حتى ظهور الحواسيب الإلكترونية ، حيث أثبت روبنسون (Robinson) في 1952 و باستخدام الحواسيب الأولى أن الأعداد M521 ، M607 ، M1279، M2203 ، M2281 أولية ، و كان حتى 1998 قد تم اكتشاف 37 عددا أوليا من أعداد ميرسين ، و كان أكبرها هو العدد M3021377 و الذي يتكون من 909521 رقما ، و سيأتي ذكره لاحقا .
كان لأعمال أويلر وقع و أثر كبير في نظرية الأعداد بشكل عام و في الأعداد الأولية بشكل خاص ، حيث تمم مبرهنة فيرمات الصغيرة و وسعها ليقدم دالة فاي لأويلر ، و كما أشرنا في الأعلى استطاع تحليل عدد فيرمات الخامس كما وجد في تحليله ذلك 60 زوجا من الأعداد المتحابة ، و وضع ما جاء بعد ذلك ( و لم يستطع اثباته ) و هو ما عرف بقانون التعاكس التربيعي .
و كان أويلر أول من أدرك إمكانية دراسة نظرية الأعداد باستخدام أدوات التحليل و الذي أدى إلى اكتشاف مادة التحليل العددي ، و قد استطاع أويلر إثبات أنه ليست المتسلسلة التوافقية ( Harmonic Series) فقط متباعدة ( divergent ) بل أن المتسلسلة :
1/2+1/3+1/5+1/7+1/11+... المكونة من مجموع مقلوب الأعداد الأولية أيضا متباعدة ( divergent ) ، و مجموع الحدود n في المتسلسلة التوافقية يبلغ تقريبا log(n) ، بينما المتسلسلة السابقة تتباعد بشكل بطيء إلى log(log(n)) ، و هذا يعني أن مجموع مقلوبات ( reciprocals ) كل الأعداد الأولية التي تم اكتشافها حتى بالحواسيب الفائقة يساوي تقريبا 4 فقط ، لكن مع ذلك المتسلسلة تبقى تتباعد إلى ∞ .
أما بالنسبة لانتشار الأعداد الأولية و كثافتها فمن النظرة الأولى يبدو أن الأعداد الأولية تنتشر بطريقة عشوائية بعض الشيء بين الأعداد الصحيحة ، فعلى سبيل المثال في 100 عدد السابقة لـ 10000000 يوجد 9 أعداد أولية ، بينما في 100 عدد التالية يوجد عددان أوليان فقط .
مهما يكن في الأعداد الأولية الكبيرة فإن الطريقة التي تنتشر فيها الأعداد الأولية هي منتظمة جدا ، فقد قام ليجاندر ( Legendre) و جاوس (Gauss ) بإجراء حسابات موسعة في كثافة الأعداد الأولية .
لقد أخبر جاوس صديقه أنه لو حصل على 15 دقيقة و هو غير مشغول فسوف يقضيها في حساب الأعداد الأولية الأطفالية ( أول 1000 عدد أولي ) ، و يذكر جاوس أنه حتى نهاية حياته قد حسب ثلاثة ملايين عدد أولي .
كلا من ليجاندر و جاوس وصلا إلى استنتاج و هو أنه لأي عدد n كبير ، فإن كثافة الأعداد الأولية القريبة من هذه العدد تساوي تقريبا 1/log(n) ، و أعطى ليجاندر تقديرا لـ p(n) ( عدد الأعداد الأولية الأقل من n ) حيث وجد : p(n)=n/(log(n)-1.08366 ، في حين أن جاوس قدم تقديرا على صورة تكامل لوغاريتمي هو :
p(n)=∫(1/log(t))dt حيث أن مدى التكامل من 2 إلى n .
و تسمى العبارة بأن كثافة الأعداد الأولية هي 1/log(n) بمبرهنة الأعداد الأولية ، و قد كانت هناك عدة محاولات لإثباتها تواصلت خلال القرن التاسع عشر بتقدم ملحوظ بواسطة تشبيتشيف (Chebyshev ) ، و ريمان (Riemann) و هذا الأخير ربط النظرية بما سماه فرضية ريمان ، و سأحاول أن أغض الطرف عن هذه الفرضيات و البراهين عليها لأنها بحوث متقدمة و متخصصة إلى حد ما ، و ما زال هناك العديد من الأسئلة المفتوحة تتعلق بالأعداد الأولية ، و بعضها ما زال من مئات السنين كمسألة العدد التام الفردي .
أما بالنسبة لكيفية معرفة و إكتشاف الأعداد الأولية فتوجد طرق كثيرة أقدمها و أسهلها هو ما يعرف بغربال إراتوستين ( Sieve of Eratosthenes ) و طريقة القسمة العادية (trial division ) ، حيث ما زالتا هاتان الطريقتان هما الأسهل لإيجاد الأعداد الأولية الصغيرة جدا ( الأقل من 1000000 ) .
أما بالنسبة لإيجاد الأعداد الأولية الكبيرة فهناك طرق خاصة تستخدم ، و هذه الطرق هي حالات خاصة من نظرية لاجرانج من نظرية المجموعات .
و نشير هنا إلى مفهوم وضع في 1984 بواسطة صمويل ييت و هو : Titanic Primes ، أي الأعداد الأولية الهائلة ، و عرفها بأنها الأعداد المكونة من 1000 رقم على الأقل ، و كان عدد هذه الأرقام يومها 110 أرقام ، أما الآن ( أي بعد 17 سنة فقط ) فإن عددها يفوق ذلك العدد بأكثر من 1000 مرة ! و مع استمرار تقدم الحواسيب الإلكترونية التي تعطي فرص أكبر للبحث عن أعداد أولية أكبر فإن هذا العدد يتزايد باستمرار ، و نتوقع بعد مدة قصيرة رؤية أول عدد أولي ذو 10 ملايين رقم .